اخباراكسسوارات وماركاتالمرأة والجمالالمرأة والسياسة
الطبيبة السودانية ميّادة عادل تجمع بين تصميم الأزياء ونشاطها في مجال حقوق الإنسان لتكون مثالا يحتذى به للنساء في أفريقيا والعالم العربي
ميّادة عادل – طبيبة سودانية ومصممة أزياء ومدافعة عن حقوق المرأة واللاجئين، وعن المساواة في الصحة وحقوق الإنسان وتتصدى لتغيّر المناخ بطريقتها الفنية الخاصة. أصبحت أول سودانية وقع عليها الاختيار لتكون من بين أحدث مجموعة مؤلفة من 17 من القادة الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة.
تسعى الدكتورة ميّادة المتخصصة في مجال الطب العام إلى الدفاع عن حقوق الإنسان وحقوق المرأة من خلال أنشطتها المتعددة، وأبرزها تصميم الأزياء وعملها الحقوقي، ومساعدة النساء اللاجئات ومحاربة ختان الإناث.
وقد اختيرت كواحدة من بين 17 من القادة الشباب من أجل أهـداف التنمية المستدامة وهي مبادرة رائدة لمكتب مبعوثة الأمين العام للشباب الذي يكرّم الشباب المتميّزين حول العالم.
تعيش ميّادة الآن في فرنسا، وتجيد اللغات الفرنسية والإنجليزية والعربية. وقد تحدثت مع أخبار الأمم المتحدة عبر تقنية الفيديو عن شعورها بهذا الاختيار الذي يستمر لعامين، وعن عملها ونشاطها الحقوقي.
في البداية، ماذا كانت ردّة فعلكِ الأولية بعد أن تلقيتِ نبأ أنكِ من بين 17 شاب وشابة من “القادة الشباب من أجل أهداف التنمية المستدامة”؟
ميّادة عادل: كنت سعيدة جدا، وجعلني هذا الخبر متواضعة جدا في نظرتي إلى جميع الأمور التي حدثت، أو التي استطاع المرء أن يحققها في الفترة الماضية من حياته. لقد أهديت هذا النجاح إلى والدتي لأنها السبب الحقيقي في أن أتقدم للعالم بكل القوة والنشاط والحماسة، وهي أن أحاول حل المشاكل عبر وجودي كامرأة وكطبيبة وكفنانة مصمّمة أزياء أو (حتى) انتقالي للعيش في بلد آخر.
كنت سعيدة جدا، وشعرت أنه أخيرا حانت الفرصة لتمثيل عربي-أفريقي كما أنني أول سودانية في قائمة القادة الشباب في الأمم المتحدة.
بلا شك شعرت والدتك بفخر شديد. من أين أنتِ من السودان وكيف ومتى غادرتِ البلاد؟
ميّادة عادل: خروجي من السودان كان في نهاية 2018، مع فترة قيام المظاهرات، أو اندلاع الثورة، خرجت لأسباب عديدة. في الواقع حصلت على دعوة من اليونسكو لكي أقدّم عرض أزياء كمصممة أزياء أفريقية وكان هذا أول تمثيل للسودان في “حفل استقبال أزياء أفريقيا” أو Africa Fashion Reception، وخرجت في ظروف قاسية جدا.
كان هناك تعنيف للنساء من قبل النظام العام. لقد وصل السودان إلى الذروة من الظلم والقهر للنساء. وحتى على مستوى مجتمعي ومستوى سياسي، كنا نصارع من جميع النواحي، ولم يكن من السهل عليّ إدارة أي مشروع فنّي أو تصميم أزياء في هذه الفترة لأننا كنا مراقبين من النظام العام وكانت جميع الأنشطة تخضع للمراقبة.
خرجت في تلك الفترة وقد بدأت المظاهرات وقمت بأنشطة سياسية كثيرة هنا، مع نساء ناشطات، سواء في فرنسا أو مجموعة من النساء الناشطات في أوروبا، وقمنا بدعم الثورة عن بُعد. قمتُ بالعمل للضغط عبر المؤسسات الكبيرة مثل الاتحاد الأوروبي، وتواصلنا مع معهد العالم العربي، ومع جميع المؤسسات التي يمكن أن توصلنا بالحكومة الفرنسية لممارسة ضغط عالمي ليكون هناك حماية للديمقراطية، والثورة والانتقال الديمقراطي.
قمتُ بتصميم علم السودان بطريقة فنية، ونشرناه في أنحاء باريس، وقمت بعمل مقابلات مع الإعلام الفرنسي كي يتم أخذ الثورة ونشاط النساء وتقدّمهن للخطوط الأمامية بعين الاعتبار.
لم أستطع في تلك الفترة الاندماج مع المجتمع الفرنسي، لأنني كنت ملتزمة بشدة بالنشاط السياسي النسوي للسودان، وحتى حصل الانتقال الجزئي للسلطة للمدنيين في تموز/يوليو 2019 بدأت أتنبه أن لديّ حياة هنا وأن عليّ الاندماج في فرنسا وقمت بعمل أنشطة فنية ثقافية، في بلد أنا ضيفة جديدة فيه.
ميادة أنتِ طبيبة ومصممة أزياء ومدافعة عن حقوق المرأة والمساواة في الصحة وحقوق الإنسان. كيف تجمعين بين هذه الاختصاصات والعمل الحقوقي؟ من أين لكِ كل هذا الوقت؟
ميّادة عادل: في الحقيقة أنا إنسانة مفرطة النشاط، ولا يمكن أن يكون يومي عاديا يجب أن يكون حافلا بالأنشطة. أنا طبيبة (تخصص طب عام) ويمكن مزاولة المهنة في مناوبات قد تمتد لمدة ثماني ساعات في العمل.
وأيضا في الأزياء، حاولت الربط بين النشاط الثقافي والاجتماعي وهذا ما جعل صوتي يصل، عن طريق الفن أو الأزياء. وهو ما يُسمّى بالدبلوماسية الثقافية.
تساعد ماركة “ميادة” اللاجئين على تنمية مهاراتهم، هل رأيتِ أي نتائج واكتشفتِ مهارات جديدة؟
ميّادة عادل: الفكرة بدأت عندما كنت في السودان – في عام 2017 و2018 – عملت مع نساء من جنوب السودان. هنّ لاجئات يعشن في مخيمات اللاجئات السودانيات، وكنت أدرّبهن بصورة شخصية من خلال الماركة أو من خلال أصدقاء. كنا نسعى إلى إيجاد عملاء لهن، أو أشخاص يعملون معهن كي يمارسن عملهن بحداثة، بمعنى أننا نقوم بتعليمهن الطرق ليبعن منتجاتهن في الخارج وطرق جذب العملاء والمناقشة أو التفاوض من أجل أسعار أفضل.
أحضرت تشكيلة معي إلى اليونسكو وتم عرضها وبيعها. عندما جئت إلى فرنسا، وقمت بدمجها مع منصة أو مبادرة اسمها La Loupe Creative. نحن ثلاثة أشخاص مع مصوّر وفنان عراقي اسمه علي أركادي وفنان اسمه غاسبارد. دمجت الماركة بحيث نتواصل مع فنانين ومع مؤسسات في فرنسا مثل معهد العالم العربي، ومؤسسات فنية فرنسية، أو حتى نسعى إلى مساعدة مصممات أزياء في السودان لمنحهن فرصة الإقامة في باريس – أي قمت بتوسيع نطاق الماركة لمساعدة اللاجئين والفنّانين، أو الفنّانين الذين حياتهم في خطر.
مؤخرا أقوم بالعمل مع الفنّانين الأوكرانيين ونحاول مساعدتهم ليحصلوا على إقامة ونسعى إلى إدخال مصممة أزياء أوكرانية في مجال الفنون في باريس. أي أنني أقوم ببناء جسور أكثر من تقديم تشكيلات.
عملتِ بلا كلل في حملات لإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي، وخاصة ختان الإناث في السودان ومالي، حدّثينا أكثر عن هذه التجربة، لماذا من الصعب القضاء على ختان الفتيات، ما هو المطلوب للقيام بذلك؟
ميّادة عادل: ساهمت مجموعة كبيرة من الناشطات النسويات السياسيات والاجتماعيات في أن يتم في نيسان/أبريل 2021 تجريم ختان الإناث في السودان نتيجة لضغط قوي كي يكون تجريم ختان الإناث من أولويات الدولة في السودان. عملنا على مستوى مستشفيات وتعليم نساء في مجتمعات مهمّشة أو لاجئات وتوعيتهن بشأن ختان الإناث.
حاليا أنا أعمل كمستشارة في الصحة والتنمية مع البنك الدولي، نعمل في أماكن مثل مالي، نركز الآن على مالي، ويتم الضغط حاليا من أجل تجريم ختان الإناث. لماذا حتى الآن لم يتم تجريم ختان الإناث بصورة واضحة في دول عربية أو أفريقية؟ هي عادة قبلية في بعض البلدان، وفي بلدان أخرى يقال إنها دينية لكنها ليست دينية. تتباين أسباب التأخر في تجريم الختان بحسب الدولة. وهناك ما له علاقة بنوع من السيطرة والهيمنة الذكورية والتلاعب على المستوى الدولي.
بمعنى آخر، إذا كانت هناك دولة تريد الحصول على تمويل من المجتمع الدولي تقول إننا سنكثف العمل على محاربة ختان الإناث لو حصلنا على التمويل، ولكن إذا لم نحصل عليه فلن نعمل على مكافحته. الحكاية فيها وسيلة تلاعب سياسية من الدول.
على مستوى المجتمع، كثير من الأحيان تحكمه الفكرة القبلية، “وأن هذه عادة لن نتخلى عنها وعن تقاليدنا لأن العالم الخارجي يرغب بفرض شيء ما علينا” – في ذلك نوع من التحدي للمجتمع الدولي.
وكثيرون يقولون إنها جزء من الدين، لكن هذا ليس واقعيا وليس له علاقة بالدين وليس من نصوص صحيحة تشير إلى أن الختان جزء من الأديان.
هناك حاجة إلى التوعية والتثقيف أكثر من أي شيء آخر.
ميّادة عادل: هذا صحيح. على سبيل المثال، نحاول العمل مع أطباء، فعندما يستقبلون نساء نطلب منهم توعيتهن في المستشفى بعدم ختان الفتاة بسبب الأضرار (الناجمة عن ذلك)، وإذا كانت هناك أضرار نفسية يتم تحويلهن إلى مختصّ، أو أضرار في الجهاز البولي على سبيل المثال، يتم تحويلهن إلى مختص.
علاوة على كل ذلك، أنتِ مدافعة عن قضايا المناخ. كيف حدث ذلك؟
ميّادة عادل: في الحقيقة تم اختياري عن طريق وكالة لعموم أفريقيا تسمّى بالتنمية الإبداعية. وتحاول تسهيل الطريق لمؤتمر الأطراف COP27 في مصر، وبصراحة من المهم جدا بالنسبة لي التطرق إلى تغيّر المناخ لأنه يتزايد وهو محرّك للصراع والنزوح.
ويؤثر جدا على انعدام المساواة بين الجنسين ويزيده، وخاصة في صفوف اللاجئين. كمثال بسيط، في دارفور توجد هجرة كبيرة للنساء المتضررات من تغير المناخ ينزحن لأماكن أخرى. هناك نسبة كبيرة ولكنها غير معروفة بالأرقام، ويتم ممارسة البطش والظلم عليهن خلال نزوحهن وتحركاتهن كلاجئات وحتى من بلدان أخرى، من جنوب السودان إلى السودان. ببساطة هن لا يجدن طعاما، ولا يوجد أمن غذائي.
ويجب التطرق إليه بطريقة مناسبة، وأود ذلك بطريقة فنية وهذا ما أسعى للقيام به مع تلك الوكالة، حيث نحاول التعاون مع نشطاء في مجال تغيّر المناخ وناشطات نساء ونرى ما الذي يمكن فعله تمهيدا لمؤتمر الأطراف.
أعلم أن جدولك حافل، لكن الآن بعد اختيارك كواحدة من القادة الشباب، ما الذي ينطوي عليه هذا الاختيار، هل أنتِ مكلفة بأمور معينة؟
ميّادة عادل: نعم. أستشف من التواصل الحاصل مع الفريق المسؤول عن المبادرة، أنه سيكون هناك في البداية لقاء في نيويورك، وسيتم مساعدتنا في أن يكون صوتنا مسموعا سواء عن طريق منصات مواقع التواصل الاجتماعي أو غيرها، وسيتم دمجنا في المؤتمرات بحسب تخصصاتنا وكل في مجاله.
وسيتم إعطاؤنا الفرص للتحدث وتسليط الضوء على المشاكل التي تخص كل شخص فينا. هو منصب فخري وسيستمر لعامين.
وسنرى إمكانية التعاون مع الأشخاص الذين كانوا ضمن القوائم السابقة.
أنتِ نموذج يحتذى به، فما هي رسالتك للنساء والفتيات وخاصة في منطقتنا العربية والسودان.
ميّادة عادل: هذا سؤال صعب في الواقع. في الحقيقة أشعر بمسؤولية كبيرة الآن، أتمنى من خلال تمثيلي للمرأة العربية والمرأة الأفريقية أن أساعد الكثير من النساء في جيلي على توصيل أصواتنا واحتياجاتنا وأن نتحدث عن الصراعات والأزمات الإنسانية التي تكون النساء أولى ضحاياها، مثل ما يحصل الآن في إيران وقد أقامت النساء ثورتهن بسبب الحجاب.
هذا المنصب فخري لكنه ينطوي على مسؤولية أتمنى أن أقدر على تحمّلها وأعطي فرصة لأصوات نساء أخريات، وأن نساعد جميعنا بعضنا البعض لتقوية بعضنا البعض كنساء. لأن نساء هن من ساهمن في ترشيحي لاختياري، وأتمنى أن أقدر على تقوية نساء أكثر وأن أساعد النساء في أن يكنّ قادة في مجتمعاتهن وأسرهن ومحيطهن، في أي مكان. أتمنى أن أكون مثالا لهن.
المصدر : الامم المتحدة