سلايد 1مقالات وبحوث
وصفة السيطرة على الكآبة
قرر زوجها الانتقال مـن مدينة الأخـرى، وكـان مـع هـذا الـقـرار الضيق والكـدر؛ فكيـف لهـا أن تغادر بيتهـا، وترحل عـن حيها وتفارق أحبابها، سافرت مضطرة مع زوجها، ومـا إن وصلـوا لمكان إقامتهـم الجـديـد حـتـى هـجـمـت عليهـا جيوش الضيـق، وهطلت على قلبها سحائب الهم، وأصبح الاكتئاب عنوانـا بـارزا لحياتها! فلا لجميل الطعام طعم، ولا للذيذ النـوم وجـود! وبينما هـي كذلك، وي أحـد أيـام أسبوعهـا الأول الكئيب كانت تتفقـد -دون وعي عشرات الصناديق التي حملتها معهـا، وتركتهـا دون ترتيب، إذ وقعت عينها على صندوق صغير قد علاه الغبـار، يعود لعمتها التي رحلت عـن الدنيا بعد عمر طويل، فتحت الصندوق وإذا بدفتر قد تقادم عهده كانت العمة قد دونت مذكراتها فيه! تصفحت أوراقه على عجل، حتى و توقفت اليد عن التصفح، على صفحة كان عنوانهـا: “هكذا انتصرت على الكآبة”..
وفيـه، كتبت العمـة قصتها مع أزمة مرت كانت بالغة الشدة، وكيف جلست مع نفسها وتحدثت إليها وخيرتها بين الاستسلام ورفع الراية البيضاء، والموت البطيء وبين النهوض والتحرك ومقاومة الاكتئاب! حتى وصلت لمرحلة متأخرة من الاكتئاب، وتقـول العمة إنها
واختارت الخيار الثاني عبر ستة أنشطة تداوم عليها يوميا، وبعدها عمت السكينة روحها؛ وغدت تعيش حياة ملؤها بهجة وسرور، فما النشاطات اليومية الستة، والتي كان لها – بعد الله – الفضل في تغيير حياتها؟!
1. القيام بعمل خير لمن حولها (مساعدة مادية أو معنوية)، أو حتى ابتسامة.
۲. تأدية عمل ضروري القيام به، ولو كانت لا تحبه
3. عمل نشاط بدني (مشي، أو سياحة،
وغيرهما)
4. القيام بعمـل تحبـه (قراءة، أو مشاهدة فيلم، أو شرب عصير مفضل، وغيره).
ممارسة نشاط ذهني عبر التخطيط، أو إيجاد حلول لمشكلة قائمة.
6. تخصيص وقت للصلاة والتواصل الروحي.
تقول بطلة القصة: وبعد أن قرأت كلام العمة، قررت أن أنهج نهجها وفكرت في النشاط الأول، وهو (عمل الخير)، وتذكرت أن عجوزا كبير تسكن بجـواري وحيدة، لا ولد لها، ولا أهـل؛ فزرتهـا وأهديتها بعض الحلوى، وتحدثت معهـا واستمتعت لبعض همومهـا؛ وبعد هذا النشاط تغيرت نفسي وتبدلت حالي.
ثم سعيت للنشاط الثاني وهو (تأدية عمل مهـم لا أحبه) وكان ترتيب غرفة الجلوس وتنظيفها هو العمل الذي كنت أهرب منهـا، فشرعت فيهـا قسرا، ولم أكمل دقائق إلا وقد أنهيـت؛ فغمرتني مشاعر الإنجاز، واستمتعت بمكان نظيف مرتب.
ثم ذهبت لمارسة المشي حول البحيرة القريبة، ثم جلست لوضع حلول لمشكلة مادية تعاني منها الأسرة.
ثـم قضيت وقتـا في التأمل الروحـي؛ وبعدها لا تسل عن حجم الهدوء والسكينة والسّلام الداخلـي الـذي نعمت بـه في كل يوم تحرص على ممارسة تلك الأنشطة السنة في كل يوم، حتى أصبح الأمر مصدر متعة لها، وأعفت نفسها من التأكل الداخلي، ومن الانتحار البطيء
فإن كنت – أيها القارئ – تشعر بشيء من الضيق والاكتئاب، فجرب تلك النشاطات؛ فالكآبـة كمـا يقـال، تتغـذي مـن المعـود والجمـود وعدوها اللدود هو العمل، فداوم عليها، وجزما ستتغير حياتك .