الصحة والطب

قللي استهلاك اللحوم الحمراء فعلاقتها وطيدة مع السرطان

ربما حان الوقت لتقليل استهلاك اللحوم الحمراء، فقد أثبتت دراسة علمية حديثة أن اللحوم الحمراء على صلة وطيدة بالإصابة بمرض سرطان القولون.
ماذا في الدراسة؟ الإجابة في الآتي، بحسب موقع DW الألماني:

شملت دراسة علمية، امتدت على سنوات، مرضى بسرطان القولون، ثبت لديهم أن تناول اللحوم الحمراء يفرز مركّبات كيميائية يمكن أن تسبب “الألكلة”، التي تتسبب بدورها في الإصابة بالسرطان والوفاة.
ولعل هذا الأمر ليس بجديد كلياً، فقد سبق للأطباء أن حذروا من الإفراط في تناول اللحوم الحمراء، لكن الخبراء لم يكونوا واثقين جميعهم حتى الآن بوجود رابط فعلي بين اللحوم الحمراء وسرطان القولون.

 أثبتت دراسة علمية حديثة أن اللحوم الحمراء على صلة وطيدة بالإصابة بمرض سرطان القولون
أثبتت دراسة علمية حديثة أن اللحوم الحمراء على صلة وطيدة بالإصابة بمرض سرطان القولون

اللحوم الحمراء مسرطنة!

هذا وتوصلت نتائج دراسة جديدة، نُشرت هذا الأسبوع في مجلة “كانسر ديسكوفري” العلمية، إلى تحديد خصائص الأضرار اللاحقة بالحمض النووي، جرّاء اتباع نظام غذائي غني باللحوم الحمراء. وأكدت الدراسة أن هذه اللحوم مُسرطنة بالفعل، فاتحةً الطريق أمام الكشف المبكر عن المرض وتطوير علاجات جديدة له.

نتائج هذه الدراسة لا تعني ضرورة الامتناع كلياً عن تناول اللحوم الحمراء، بل المطلوب الاعتدال في تناولها واتباع نظام غذائي متوازن، وفق ما أوصى به اختصاصي الأورام في معهد “دانا فاربر” للسرطان ماريوس جياناكيس.
ورأى جياناكيس، الذي أدار هذه الدراسة الجديدة في تصريح لوكالة فرانس برس، أن “ثمة حتماً آلية تجعل اللحوم الحمراء مادة مسرطنة”.

واكتشف العلماء منذ مدة طويلة كيفية نشوء أورام سرطانية بفعل دخان السجائر، وكيفية تَسَبُب بعض الإشعاعات فوق البنفسجية التي تخترق الجلد بحصول تحوّر في الجينات يؤثر على كيفية نمو الخلايا وانقسامها.

ومن هنا، عمل ماريوس جياناكيس وزملاؤه على ترتيب تسلسل الحمض النووي لـ 900 مريض بسرطان القولون، اختيروا من بين مجموعة من 280 ألف شخص شاركوا في دراسات على مدى سنوات، شملت طرح أسئلة عليهم عن نمط حياتهم.

وتكمن أهمية المقاربة التي اتبعتها هذه الدراسة في أن المشاركين لم يكونوا يعرفون أنهم سيصابون بهذا السرطان، خلافاً لتلك التي تُطرح فيها الأسئلة عن العادات الغذائية على أشخاص مصابين أصلاً.

وأظهرت التحاليل المخبرية عن تحوّر معيّن لم يسبق أن رُصد، لكنه يعود إلى نوع من التحوّر في الحمض النووي يسمى “الألكلة” أو Alkylation، ولا تصبح كل الخلايا التي تحتوي على هذا التحوّر سرطانية حكماً، فهي كذلك موجودة في عينات سليمة.

ولكن تبيّن أن هذا التحوّر مرتبط إلى حدّ كبير باستهلاك اللحوم الحمراء، سواء المصنّعة منها أو غير المصنّعة، قبل ظهور المرض. وفي المقابل، لم يظهر أي ارتباط مع استهلاك لحوم الدواجن أو الأسماك أو العوامل الأخرى التي تمَّ فحصها.

وشرح ماريوس جياناكيس أن “تناول اللحوم الحمراء يفرز مركّبات كيميائية يمكن أن تسبب الألكلة”. وهذه المركّبات ناجمة عن الحديد الموجود بكثرة في اللحوم الحمراء، أو من النترات الموجودة غالباً في اللحوم المصنّعة.

رصد سرطان القولون باكراً

الكشف المبكر عن سرطان القولون مهم جداً
الكشف المبكر عن سرطان القولون مهم جداً

وأظهرت الدراسة أيضاً أن من بين الجينات الأكثر تأثراً بالألكلة، تلك التي أشارت الدراسات السابقة إلى أنها الأكثر عرضةً للتسبب بسرطان القولون عند حدوث تحوّر فيها. وأوضح ماريوس جياناكيس أن مختلف هذه العناصر تشكّل مجتمعةً ملفاً متيناً، يشبه إلى حدّ ما عمل التحرّي.

وأظهرت الدراسة أن المرضى الذين تحتوي أورامهم على أعلى مستويات الألكلة عرضة بنسبة 47 في المئة أكثر من الآخرين لخطر الوفاة.

ولم يتم ملاحظة مستويات عالية من الألكلة إلا في أورام المرضى الذين يتناولون في المتوسط أكثر من 150 غراماً من اللحوم الحمراء يومياً. وتوقع الباحث أن يساعد هذا الاكتشاف الأطباء على تحديد المرضى الأكثر استعداداً وراثياً للألكلة، بما يتيح لهم تقديم النصيحة لهؤلاء بالحدّ من استهلاك اللحوم الحمراء.

كذلك يساهم رصد المرضى الذين بدأوا يراكمون هذه التحورات في تحديد أولئك الأكثر عرضة منهم لخطر الإصابة بمثل هذا السرطان، أو اكتشاف المرض في وقت مبكر جداً.

ونظراً إلى أن مستوى الألكلة يبدو مؤشراً إلى شدّة المرض، يمكن أيضاً الاستناد عليه؛ لتشخيص متوسط العمر المتوقع للمرضى. ويمهد فهم كيفية تطور سرطان القولون الطريق أيضاً لابتكار علاجات توقف هذا التطور.

إغلاق